ســـــــــــــــــــــبحان الله وبحــــمده ســـــــــــــــــبحان الله العظيم

   

 
اســــــــرة المنتدى ترحـــب بالاخوة الاعضاء والزوار وتتمنى لهم قضـــاء اسعد الاوقات وامتعها فى المنتدى وتسعد بمشاركاتهم وتواجدهم فى كل لحظه - وأهـــــلا وســـهلا بالجمـــــيع "

رسالة المنتدى


   
 
العودة   منتدى قبيلة السمره من جهينة الرسمي > الـــمـــنـــتـــديـــات الإســـلامـــيـــة > الـمـنـتـدى الإسـلامـي الـعـام
 
 

الـمـنـتـدى الإسـلامـي الـعـام جميع المواضيع الاسلامية (كل مايتعلق بمذهب أهل السنة والجماعة )

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 03-27-2011, 11:20 PM
اسعى الى المجد
عضو متميز
المحيط الهادى غير متواجد حالياً
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 90
 تاريخ التسجيل : Oct 2010
 فترة الأقامة : 4947 يوم
 أخر زيارة : 11-10-2023 (07:32 PM)
 المشاركات : 884 [ + ]
 التقييم : 10
 معدل التقييم : المحيط الهادى عضو علي طريق التميز
بيانات اضافيه [ + ]
شرح التحذير من جميع الفتن ومن فتنة الدين لشيخ العثيمين رحمه الله



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مضل له، ومَن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين له بإحسان، وسلَّم تسليماً .
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ[آل عمران: 102] ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا[النساء: 1] ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب: 70-71] .
أما بعد:
أيها الناس، اتقوا الله - تعالى - وأنيبوا إليه واثبتوا على دينه واستقيموا إليه؛ فإن دين الله دين الحق ووسيلة الصلاح في الدنيا والآخرة، واحذروا الزيغ والضلال عنه؛ فإن في ذلك الفساد والشقاء في الدنيا والآخرة، احذورا الفتن - أيها المسلمون - ما ظهر منها وما بطن؛ إن الفتن: كلُّ ما يصد عن دين الله من مال أو أهل أو ولد أو عمل، قال الله عزَّ وجل: ﴿ إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (15) فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [التغابن: 15-16]، اتقوا فتنة ينتشر شرها وفسادها إلى الصالحين كما أصاب الظالمين، قال الله تعالى: ﴿ وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ[الأنفال: 25]، احذورا فتنة العقيدة الباطلة والآراء المنحرفة والأخلاق السافلة، احذورا كل فتنة في القول أو في العمل؛ فإن الفتن أوبئة فتاكة سريعة الانتشار إلى القلوب والأعمال، إلى الجماعة والأفراد فتصيب الصالح والطالح في آثارها وعقوباتها، إنه لو حلَّ بالبلاد وباء فتاك لرأيت الناس يهرعون إلى باب كل طبيب لعلهم ينجون من هذا المرض الوبائي، ولكن الفتن تجد الناس غالبهم يقابلونها بفتور ولا يخشون منها ولا يخافون عواقبها، وإن فتن الدين أعظم واللهٍ من هلاك الأجساد؛ لأن هلاك القلوب هلاكٌ للأجساد والأرواح .
أيها المؤمنون، لقد حذر النبي - صلى الله عليه وسلم - أمته من الفتن فقال صلى الله عليه وسلم: «بادروا بالأعمال فتناً كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً ويمسي مؤمناً ويصبح كافراً يبيع دينه بعرض من الدنيا»(1)، إنها فتنٌ مظلمةٌ لا نور فيها، إنها فتنٌ كقطع الليل المظلم، إنها فتنٌ تؤثر في عقيدة المسلم بين عشية وضحاها، يصبح مؤمناً ويمسي كافراً أو يمسي مؤمناً ويصبح كافراً؛ وذلك لأنها فتن قوية ترد على إيمان ضعيف أضعفته المعاصي وأنهكته الشهوات فلا يجد ذلك القلب ولا ذلك الإيمان مقاومة لتلك الفتن ولا مدافعة فتفتك به فتكاً وتمزقه كما يمزق السهم رميته .
أيها الناس، فكروا - يا إخواني - قليلاً، فكروا بما فتح الله علينا من الدنيا فتداعت علينا الأمم من أجلها فاختلطوا بنا ما بين مريد للإصلاح ومريد للإفساد، إننا بهذا الفتح الدنيوي لعلى مفترق طرق وفي دور تحول نرجو الله - عزَّ وجل - ألا يكون تحوراً، فعلى دينكم - أيها المؤمنون - فاثبتوا ولطريق نبيكم - صلى الله عليه وسلم - وسلفكم الصالح - رضي الله عنهم - فاسلكوا، يقول ربكم تبارك وتعالى:﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [الأنعام: 153]فهذه عباد الله، هذه وصية الله إليكم أن تتبعوا صراطه المستقيم وألا تتبعوا سبيلاً يخالفه فتفرق بكم الطرق عن سبيله وتجرفكم الأهواء .
أيها الناس، إننا نسمع وإننا نشاهد في كل وقت فتناً تترى علينا بدون فتور أو ضعف؛ لأنها وللأسف تجد مكاناً متسعاً ومَرْبعاً مرتعاً، فتناً توجب الإعراض عن كتاب الله وعن سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - عن العلم بهما والعمل، فتناً تتوارد لا أقول من هناك فحسب ولكن من هناك ومن هاهنا من أعدائنا ومن بني جلدتنا، نسأل الله السلامة والحماية .
إننا نسمع مثلاً مَن يدعو إلى اختلاط النساء بالرجال وإلغاء الفوارق بينهم إما بصريح القول أو بالتخطيط الماكر البعيد والعمل من وراء الستار، وكأن هذا الداعي يتجاهل أو يجهل أن دعوته هذه خلاف الفطرة والجبلَّة التي خلق الله عليها الذكر والأنثى وفارق بينهما خلقةً وخلقاً، كأن هذا الداعي يتجاهل أو يجهل أن هذا خلاف ما يهدف إليه الشرع من بناء الأخلاق الفاضلة والبعد عن الرذيلة، فلقد شرع النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو الذي عصمه الله - تعالى - من الخطأ أو الاستمرار عليه - شرع صلى الله عليه وسلم ما يوجب بعد المرأة عن الاختلاط بالرجال، فكان يعزل النساء عن الرجال في الصلاة ويقول: «خير صفوف النساء آخرها وشرها أولها»(2) لماذا يكون شر صفوف النساء أولها ؟ لأن أولها أقرب إلى الرجال من آخرها فكان شرها، وآخرها أبعد من الرجال من أولها فكان خيرها .
إذاً: نأخذ من هذا المثال قاعدة وهي: أنه كلما ازدادت المرأة بعداً عن الاختلاط بالرجال فهو خير وكلما قربت من ذلك فهو شر .
إن هذا الداعي المكشر بأنيابه أو الذي يدعو من وارء الستار إلى اختلاط النساء بالرجال يتجاهل أو يجهل ما حصل لأمة الاختلاط من الويلات والفساد وانحطاط الأخلاق؛ إنه يجعل انتشار الزنا وكثرة أولاد الزنا حتى أصبح أولئك المختلطون يتمنون الخلاص من هذه المفاسد فلا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلاً، إننا نسمع مَن يدعو إلى سفور المرأة وتبرجها وإبراز وجهها ومحاسنها وخلع جلباب الحياء عنها، يحاول أن تخرج المرأة سافرة بدون حياء وكأن هذا الداعي يجهل أو يتجاهل أن الحياء من جبلَّة المرأة التي خُلقت عليها وأن الحياء من دينها الذي خُلقت له، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «الحياء من الإيمان»(3) وقال صلى الله عليه وسلم: «إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت»(4)، كأن هذا الداعي إلى السفور يجهل أو يتجاهل ما يفضي إليه من الشر و الفساد واتباع النساء الجميلات ومحاولة غير الجميلة أن تجمِّل نفسها؛ لأن لا تبدو قبيحة مع من يمشي معها من الجميلات في السوق فيبقى مجتمع النساء الإسلامي معرض أزياء لصور وأجساد من دون أرواح، ومن عجبٍ أني قرأت لكاتبٍ من دعاة السفور كلاماً ساق فيه حديثاً ضعيفاً قال فيه: إنه حديث صحيح متفق عليه يقول هكذا وهو دليل على جهله بالحديث وعلى جهله بأسباب الصحة ومقتضياتها وهذا الحديث رواه أبو داوود: «أن أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنهما - دخلت على النبي - صلى الله عليه وسلم - وعليها ثياب رقاق فأعرض عنها وقال: يا أسماء، إن المرأة إذا بلغت سن المحيض لم يصلح أن يُرى منها إلا هذا وهذا وأشار إلى وجهه وكفيه»(5)، لكن هذا الحديث ضعيف؛ لأنه غير متصل السند ولا موثوق لجميع رواته، ومن عجبٍ أن بعض من يشار إليهم في علم الحديث يريد أن يقوي هذا الحديث بجمع أحاديث ضعيفة لا يمكن أن يقوى بها على طرق أهل الحديث، وعلى كل حال فإن هذا الحديث منكر المتن ضعيف السند، إن أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنها وعن أبيها - لا يمكن أن تدخل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بثياب رقاق تصف جسمها، إن هذا من أبعد البعيد أن تكون أسماء ذات النطاقين وابنة الصديق - رضي الله عنها - تدخل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعليها ثياب رقاق يرى من ورائها الجلد حتى يعرض عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا الحديث بهذا المعنى يدل على نكارة الحديث في متنه أما إسناده فقد ضعّفه أبو داوود الذي رواه؛ حيث قال: إن خالد بن دُريك وهو الراوي له عن عائشة إنه لم يدرك عائشة؛ وعلى هذا فيكون الحديث منقطعاً، وقد عُلم من اصطلاح المحدثين أن الحديث المنقطع من قسم الحديث الضعيف؛ وعلى هذا فيكون هذا الحديث ضعيف السند منكر المتن، فلا يجوز الاحتجاج به على جواز كشف المرأة لوجهها وكفيها على أن الذين ذهبوا إليه من أهل العلم لم يتمكن أتباعهم من تطبيقه على ما ذكره هؤلاء العلماء رحمهم الله، فقد أصبح المجتمع الذي كان يعتنق هذا المذهب أصبح نساؤه لا يقتصرن على كشف الوجه وكشف الكفين بل يكشف الوجه والرأس والرقبة والنحر والكفين والذراعين إلى ما شاء الله أن يكشف وبهذا نعرف أنه على فرض أن يكون الشرع جاء بإباحة كشف الوجه والكفين فإنه إذا كان هذا المباح ذريعة إلى شيء محرم فإنه يكون محرماً كما هي القاعدة الشرعية في هذا وغيره .
أيها المسلمون، إننا نسمع من الفتن ما يروجه أعداء الإسلام من الدعاية الكاذبة العارمة لتفخيمهم وتعظيمهم وترويج بضاعة مدنيتهم الزائفة وحضارتهم المنهارة، يروجون ذلك باسم التقدم والرقي والتطور والتثقيف العالمي وما أشبه ذلك من العبارات الفخمة الجذابة التي تنبهر بها عقول كثير من الناس فيصدقون بما يقال ثم يذهبون وراء هؤلاء الأعداء المروجين بالتقليد الأعمى والتبعية غير المعقولة بدون تأمل أو نظر في الفوارق والعواقب، قال الله عزَّ وجل: ﴿ أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (35) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ [القلم: 35-36]، فرويدك - أيها المنخدع - رويدك؛ إن كل شيء نافع في حضارة هؤلاء الذين أغرتك دعايتهم وغرَّك أن كل نافع فيها إن قدر فيها نفع ففي الإسلام ما هو أنفع منه وما هو خير منه وما هو أفضل للمجتمع وأجمع فارجع إلى كتاب الله وإلى سنة نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - وسيرته وإلى سيرة خلفائه الراشدين وسلف الأمة لترى فيها كل خير نافع للعالم في معاشهم ومعادهم في حاضرهم ومستقبلهم، قال الله تعالى: ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ [المائدة: 50] .
أيها الغبي، أيها المغرور، أيها المخدوع، ارجع إلى كتاب الله وإلى سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإلى سيرته وسيرة خلفائه وسلف الأمة، ارجع إلى ذلك لترى ما يحاول هؤلاء الأعداء بكل قواهم أن يصدوك عنه؛ لأنهم يعلمون علم اليقين بما يجدونه وما وجدوه، يعلمون أنك لو طبقته تماماً لملكت عواصم بلادهم، استمع إلى قول ربنا علام الغيوب العزيز - سبحانه وتعالى - في كتابه المبين: ﴿كَتَبَ اللَّهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ [المجادلة: 21] .
أيها المسلمون، أيها المؤمنون، إنكم تؤمنون بالله ورسوله، إنكم تؤمنون بما بلغكم من الأخبار الصادقة عن سلف هذه الأمة وملكها لمشارق الأرض ومغاربها حتى إن كنوز كسرى وقيصر أنفقت في سبيل الله، إنكم تعلمون ذلك علم اليقين؛ وذلك بسبب ما تمسكوا به من كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن أعدائنا ليهوِّنون الفتن في نفسونا فيجلبونها إلينا بعد أن أفسدتهم ليفسدون بها كما فسدوا، قال الله تعالى: ﴿وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً [النساء: 89]، وما زال الناس في عصرنا هذا يشاهد كل مَن في قلبه حياة وكل مَن في بصره بصر يشاهدون ويسمعون كل وقت مظهراً جديداً من مظاهر الفتن، كل فتنةٍ تأتي يستنكرها الناس ويستمدون منها حتى إذا لانت نفوس بعضهم إليها جاءت فتنة أخرى أعظم منها، وإن السعيد لمن وقي الفتن، ومَن ابتلى بها فليصبر على دينه وليثبت عليه، وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن عمر بن العاص - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن أمتكم هذه جُعل عافيتها في أولها وسيصيب آخرها بلاء وأمور تنكرونها وتجيء فتنة فيرقق بعضها بعضاً وتجيء الفتنة فيقول المؤمن: هذه مهلكتي ثم تنكشف وتجيء الفتنة فيقول المؤمن: هذه هذه، فمن أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر وليأتِ إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه»(6)، إنني أُعيد هذا الحديث لأهميته، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما أوحي إليه من أمور الغيب: «إن أمتكم هذه جُعل عافيتها في أولها وسيصيب آخرها بلاء وأمور تنكرونها وتجيء فتنة فيرقق بعضها بعضاً وتجيء الفتنة فيقول المؤمن: هذه هذه فيقول المؤمن: هذه مهلكتي ثم تنكشف وتجيء الفتنة فيقول المؤمن: هذه هذه - يعني: هذه هي المهلكة - فمَن أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر وليتأتِ إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه»(7)، فاتقوا الله - عباد الله - ولا تنخدعوا بهذه الفتن ولا بكثرة الداعين إليها؛ فإن الهدى هدى الله، ودين الله - تعالى - لا يتغير بتغير الزمن، والباطل لا ينقلب حقاً بكثرة الداعين إليه والعاملين به، اللهم إنا نسألك في مقامنا هذا ونحن في انتظار فريضة من فرائضك أن تعيذينا من الفتن، اللهم أعذنا من الفتن، اللهم أعذنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن يا رب العالمين، اللهم إنا نعوذ بك من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال، اللهم احفظ لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها معادنا، اللهم اجعل الحياة زيادة لنا في كل خير، اللهم اجعل الموت راحة من كل شر، برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ونبيك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه، وأشكره على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في ألوهيته وربوبيته وسلطانه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله المؤيد ببرهانه، الداعي إلى جنته ورضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأنصاره وأعوانه، وسلَّم تسليماً كثيراً .
أما بعد:
أيها الناس، اتقوا الله - تعالى - واسألوا الله دائماً الثبات على الأمر وقولوا دائماً: «اللهم يا مقلب القلوب ثبِّت قلوبنا على دينك و طاعتك»(8)، «اللهم يا مقلب القلوب ثبِّت قلوبنا على دينك»(9)، «اللهم يا مصرِّف القلوب صرِّف قلوبنا إلى طاعتك»(10)؛ «لأن كل قلوب بني آدم بين اصبعين من أصابع الرحمن - جلَّ وعلا - يصرّفه كيف يشاء»(11)، هكذا قال النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال صلى الله عليه وسلم بعد حديثه بهذا الحديث: «اللهم مصرِّف القلوب صرِّف قلوبنا إلى طاعتك» (12)هكذا النبي - عليه الصلاة والسلام - يسأل الله أن يصرف قلبه إلى طاعته وهو نبي الله المرسل إلى جميع الخلق، فما بالنا نحن الضعفاء، نحن الضعفاء في عزائمنا وإيماننا وقوانا، إنه جدير بنا أن نسأل الله دائماً الثبات على الحق وأن يعيذنا من الفتن .
أيها المسلمون، إن من الفتن ما ابتلي به كثير من الناس اليوم وهو مسألة: الطلاق، كثير من الناس اليوم يطلق امرأته حينما يعن له ذلك وبأدنى سبب ثم إذا طلقها يذهب إلى كل عالم ليسأله عن هذا الطلاق فتجده يبقى متحيراً مع أهله، ولو أن الناس اتقوا الله - عزَّ وجل - في الطلاق ولم يطلقوا النساء إلا وهنَّ حوامل فإن طلاق الحامل يقع ويصح، والغريب أن بعض العوام يقول: إن طلاق الحامل لا يصح ولا يقع وهذا جهل عظيم جداً، فطلاق الحامل صحيح، قال الله تعالى: ﴿وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ [الطلاق: 4] قال ذلك بعد ذكر الطلاق: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ [الطلاق: 1] .
إذاً: فلا يصح أن يطلق الإنسان زوجة قد دخل بها إلا وهي حامل أو في طهر لم يجامعها فيه، فإن طلقها وهي حائض فطلاقه حرام، وإن طلقها في طهر جامعها فيه فطلاقها حرام إلا أن تكون حاملاً، فاتقوا الله - أيها المؤمنون - واعرفوا حدود الله، ومَن أراد منكم أن يطلق زوجته لرغبته عنها ولسبب لا بد أن يطلقها من أجله فلينتظر حتى تطهر من حيضها إن كانت حائضاً وحتى تحيض إن كانت طاهراً قد جامعها في طهرها حتى تحيض ثم تطهر من حيضها، وأنتم يا كتّاب الطلاق يجب عليكم إذا جاءكم شخص يريد أن يطلق أن تقولوا له: ما حال امرأتك ؟ فإن قال إنها حائض فقولوا له: اصبر؛ حتى تطهر من حيضها وإن قال إنها طاهر فقولوا له: هل جامعتها في طهرها هذا ؟ فإن قال: نعم، قيل له اصبر حتى تحيض أو يتبين حملها، فإن قال إنها حامل فلا بأس من كتابة الطلاق حينئذٍ وإذا قال إنها طاهر ولم أجامعها في هذا الطهر فلا بأس من كتابة الطلاق حينئذٍ، ومن البلاء الذي أصيب به كثير من الناس في الطلاق أن بعضهم يجعل الطلاق بمنزلة اليمين فيقول: عليَّ الطلاق ألا أفعل كذا أو عليَّ الطلاق أن أفعل كذا فيجري الطلاق مجرى اليمين، فإذا خالف ما حلف عليه جاء إلى أعتاب العلماء ليسألهم ماذا يكون عليه، وإني أقول: إن هذا العمل عمل شين ولا ينبغي للمؤمن أن يفعله؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مَن كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت»(13)، وهذا الرجل إن أراد بهذا الكلام إن أراد به اليمين فإنه يمين منهي عنه مأمور بخلافه وإن أراد به الطلاق وقع الطلاق عليه، فاتقوا الله - أيها المؤمنون - والتزموا حدوده، واسمعوا قول الله - عزَّ وجل - يخاطب نبيه: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ [الطلاق: 1] ومعنى:﴿ طَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ[الطلاق: 1] أي: طاهرات من غير جماع أو حاملات قد تبين حملهن:﴿فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا [الطلاق: 1] .
أيها الناس، لو قلت لكم: إن الرجل إذا طلق زوجته حرم عليه أن يخرجها من بيته حتى تنتهي العدة ويحرم عليها هي أن تخرج من بيته حتى تتم العدة، لو قلت لكم ذلك من عندي لاستنكرتم ذلك استنكاراً عظيماً ولكنني أتلوا عليكم في ذلك كلام الله عزَّ وجل:﴿لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَة [الطلاق: 1]، كلنا يعلم أن هذا كلام الله - عزَّ وجل - وأن الله - سبحانه وتعالى - يحكم ما يريد، وقد حكم بمقتضى هذه الآية أن المطلقة إذا كان طلاقها رجعياً - أي: يملك فيه الرجل الرجعة - فإنه يجب عليها أن تبقى في بيته حتى تنتهي عدتها ولها أن تتزين له وأن تكلمه وأن تفتش له، يعني: تكشف له؛ لأنها في حكم الزوجات .
واعلموا « أن خير الحديث كتاب الله، وأن خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وأن شر الأمور محدثاتها، وكل محدثة في دين الله بدعة، وكل بدعة ضلالة »(14)، «وكل ضلالة في النار»(15) ، «فعليكم بالجماعة؛ فإن يد الله على الجماعة، ومَن شذَّ شذَّ في النار»(16)، واعلموا أن الله أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه فقال جلَّ من قائل عليماً:﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً﴾ [الأحزاب: 56]، يا له من نبأ عظيم وشرف كبير لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يكون الله - رب العزة جلَّ وعلا - يصلي عليه وأن تكون الملائكة الكرام يصلون عليه ثم يأمرنا ربنا بصفة الإيمان أن نصلي عليه ونسلم تسليماً فسمعاً وطاعةً لربنا، اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد الذي بشَّر وأنذر، وبلَّغ وأدى الأمانة حق الأداء، اللهم صلِّ وسلم عليه، اللهم ارزقنا محبته واتباعه ظاهراً وباطناً، اللهم توفنا على ملته، اللهم احشرنا في زمرته، اللهم اسقنا من حوضه، اللهم أدخلنا في شفاعته، اللهم اجمعنا به في جنات النعيم مع الذين أنعمت عليهم من النبيين، والصديقين، والشهداء والصالحين، اللهم ارضَ عن خلفائه الراشدين، وعن أولاده الغر الميامين، وعن زوجاته أمهات المؤمنين، وعن الصحابة أجمعين، وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، اللهم ارضَ عنا معهم وأصلح أحوالنا كما أصلحت أحوالهم يا رب العالمين، اللهم أصلح للمسلمين ولاة أمورهم، اللهم أصلح للمسلمين ولاة أمورهم، اللهم أصلح للمسلمين ولاة أمورهم صغيرهم وكبيرهم يا رب العالمين، اللهم هيئ لولاة أمور المسلمين بطانة صالحة تدلهم على الخير وتحثهم عليه، اللهم أبعد عنهم كل بطانة سوء يا رب العالمين، اللهم مَن كان من بطانة ولاة أمورنا غير مستقيم على دينك وغير ناصح لهم ولا لعبادك، اللهم فأبعده عن ولاتنا وأبدلهم بخير منه يا رب العالمين، اللهم أصلح لولاة أمور المسلمين بطانة صالحة، اللهم أصلح رعيتنا ورعاتنا، اللهم اهدنا جميعاً صراطك المستقيم، اللهم اجعلنا آمرين بالمعروف، ناهين عن المنكر، داعين إليك على بصيرة يا رب العالمين، اللهم اجعلنا أمة صالحة مصلحة، اللهم اجعلنا أمة هادية مهدية، اللهم وفقنا لما وفقت عبادك الصالحين يا رب العالمين،﴿رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاً لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ [الحشر: 10] .
عباد الله، ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90) وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ﴾ [النحل:90-91]، واذكروا الله العليم الجليل يذكركم، واشكروه على نِعَمِهِ يزدكم، ﴿وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ[العنكبوت: 45] .


=================



 توقيع : المحيط الهادى


رد مع اقتباس
قديم 03-31-2011, 09:22 AM   #2
(((عضو متميز جدا )))


الصورة الرمزية صـمتي عہتآإب
صـمتي عہتآإب غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 167
 تاريخ التسجيل :  Oct 2010
 أخر زيارة : 06-02-2014 (11:40 AM)
 المشاركات : 3,794 [ + ]
 التقييم :  20
 الدولهـ
Saudi Arabia
لوني المفضل : Black
افتراضي رد: التحذير من جميع الفتن ومن فتنة الدين لشيخ العثيمين رحمه الله



جزآك الله خير الجزآ
ونفع بك المسلمين / تشكر على النقل المفيد
لآحرمك ربـــي الآجل والثوآب ..
بنتظــــآر جديدك
تحيـــآـتي


 
 توقيع : صـمتي عہتآإب



رد مع اقتباس
قديم 04-02-2011, 05:23 AM   #3
عضو جديد


الصورة الرمزية لع‘ـيوُنِ?ْ بَسْ .. !
لع‘ـيوُنِ?ْ بَسْ .. ! غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 223
 تاريخ التسجيل :  Nov 2010
 أخر زيارة : 12-21-2013 (07:23 PM)
 المشاركات : 763 [ + ]
 التقييم :  10
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Darkmagenta
افتراضي رد: التحذير من جميع الفتن ومن فتنة الدين لشيخ العثيمين رحمه الله



(...يـع ــطـيكـ الــع ــاافيه على الــموضوع الــرائع

جـزاكـ الله خير وجــع ــلـهـاا في موازين حــسنااتـكـ...)

دمـت بـ حفظ الرحمـن


 
 توقيع : لع‘ـيوُنِ?ْ بَسْ .. !

مآأ إآوقع إلآأ ع'ـلى شيكإآإت


رد مع اقتباس
قديم 04-03-2011, 07:59 PM   #4
ْ~{عضو متميز}ْ~


الصورة الرمزية طير المحبه
طير المحبه غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 253
 تاريخ التسجيل :  Dec 2010
 أخر زيارة : 03-15-2024 (12:55 AM)
 المشاركات : 2,853 [ + ]
 التقييم :  33
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Male
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Darkgreen
افتراضي رد: التحذير من جميع الفتن ومن فتنة الدين لشيخ العثيمين رحمه الله



جزاكـ الله خير وجعلها في موزين حسنااتك

يسلوووووووووووووووووووو

على الطرح الرائع

ربي يعطيك العاافيه

دووم التميز حليفك

فلا تحرمناا من جديدك الشيق

تقبل طلتي


 
 توقيع : طير المحبه



رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:21 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
منتدى قبيلة السمره من جهينة الرسمي
Security by i.s.s.w

المنتدي قائم لخدمة أبناء القبيلة وذلك للتعارف والتواصل وتبادل المعارف والعلوم ولا يمثل رأي مشائخها وكبارها إلا فيما يشار اليه وجميع مايطرح في هذا المنتدى من مشاركات ومواضيع يعبر عن رأي كاتبه دون أدنى مسؤوليه
والله الموفق