عرض مشاركة واحدة
قديم 08-26-2013, 06:34 AM   #5
عضو قدير
أحـمـد الـسـمـيري


الصورة الرمزية دموع الشوق
دموع الشوق غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1146
 تاريخ التسجيل :  Oct 2011
 أخر زيارة : 08-03-2019 (04:49 PM)
 المشاركات : 1,298 [ + ]
 التقييم :  14
 الدولهـ
Saudi Arabia
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Black
افتراضي رد: [رواية] الرجل المقيد بالكلاليب



الفصل الخامس

بعنوان ((أرجوكم لا تأتوا))




في تلك الواحة الخضراء .. ذات الثمار اليانعة .. والماء العذب .. والنمير الصافي .. وجدت نفسي !

لقد قضيت فيها عدة أيام .. أستطيع أن أساويها بأيام عمري كاملة ! .. صحيح أني لم أكن أستطيع الحراك .. إلا أنني كنت في غاية السعادة .. لقد كانوا يهتمون بي طوال آليوم .. فهذا يطببني .. وهذا يحضر لي ما لذ وطاب من الطعام .. وهذا يؤنس وحشتي بكلامه .. حتى تماثلت للشفاء !

دعوني أعرفكم على من قتل وحدتي .. وآنس غربتي .. (أحمَد : أكبرهم سنا ، كثيف الشعر ، له لحية تضفي له مظهرا رجوليا ، يبدو طويل القآمة ، يميل لونه للسمار ، يوجد في وجهه ندبة صغيرة ، يجيد أستخدام السيف بجدارة ، له في هجيع الليل كلام ، يجيد نضم الأبيات و ترنيمها ، كان بمثابة القائد) .. يليه في السن (عَبدٌالمَجِيد : له وجه يضيء كالبدر في الليلة الظلماء ، تحبه من النظرة الأولى ، سمين في مظهره ، يعد طعام شهيا ، حنون الطبع ، طيب المعشر ، كالأم في حنانه وعطفه ، كلامه مليئ بالعبر ، له خاطرة خصبة ) .. يليه في السن (عَاصِم : معتدل القآمة ، صحيح الجسم والقوام ، قوي البدن ، وسيم في مظهره ، لونه يماثل رمال الصحراء ، سريع البديهة ، ذو مبادئ ، يمتلك رأيا سديدا ، حكيم في أموره ، بليغ في كلامه ، يستشار في كل النوائب ، له عينان تحيّرانك ، يمثل شخصية الرجل العربي الأصيل ، يماثل الضرغام في هيبته) يليهه في السن (مٌحَمّد : قصير آلقامة ، أبيض كبياض اللبن ، عالم بالطب والعلاج ، ملم بلغات العجم ، محب للمرح ، واسع المعرفة ، له رأي في كل الأمور) يليه في السن عَبدٌاللّه ثم مٌعَاذ .. فأما مٌعَاذ فهو (شقيق عَاصِم الأصغر .. تشاطر معه كثيرا من الصفات ، يمتاز ببشاشة الوجه ، مجالسته تؤنس الوحشة ، له فراسة لا تخطيء) .. وأما عَبدٌاللّه فهو الذي أجّج حيرتي .. لأنه يماثلني في كل الصفات .. ولم يكتف بذلك! .. بل حتى ماثلني في تركيبة جسدي !


في الليلة التالية .. أمسينا نتسامر ونتجاذب أطراف الحديث .. وتعالت ضحكاتنا .. حتى قال عَبدٌاللّه !
عَبدٌاللّه : كم تبلغ من العمر يا فَيصَل ؟
.. في هذه اللحظة حاولت الإيجاب .. ولكني لم أستطع .. سكت كأنما أنقطع لساني .. ثم بدأت بالتلعثم .. لاحظوا ذلك علي ! .. كيف لي أن أجيب ؟ .. آنا شخصيا لا أعرف مقدار عمري ! .. آنا من الماضي .. آنا ولدت قبل أكثر من مئتي سنة .. هل يزيد عمري على المئتين ! .. ولكن اذا عددت أيامي .. أجدني لم أبلغ العشرين .. كيف هذا !
تداركت نفسي .. وملأت وجهي بتلك الضحكة المصطنعة .. ثم قلت مازحا : آنا آكبر منكم بمئتي سنة !
إنفجروا يضحكون ..
وقال مٌعَاذ : لما لا تعترف بأنك أصغرنا !
فَيصَل : لن أعترف ! .. على كل حال .. هناك أمر يحيرني !
عَبدٌالمَجِيد : وما هو ؟
فَيصَل : إني أراكم هنا وحدكم .. فأين أهلكم عنكم ؟
عَبدٌالمَجِيد : هناك من أهله ليسوا على قيد الحياة جراء الحروب والصراعات .. وهناك من ترك أهله إما طلبا لرزق أو رغبة في قتال الأعداء !
أحمَد : وعلى كل حال .. لم نعد نحتاج لهم .. فقد إعتدنا على هذه الحياة
فَيصَل : وما حال الناس آليوم !
عَاصِم : حالهم يسر ولا يسر ! .. بعد أن تغيرت الدنيا قبل عدة عقود .. عاد الناس إلى بارئهم .. ولكن .. لا زالت تلك الصراعات بينهم .. أمتنا مفرقة ! .. نحن نحتاج إلى قائد !

.. في هذه اللحظة أتى مٌحَمّد وقال سائلا !
مٌحَمّد : كيف حالك يا فَيصَل ! هل تعافت جراحك ؟
فَيصَل : أجل .. شكرا لك .. لولا الله ثم مهارتك لكنت في عداد الموتى الآن !

في تلك اللحظة .. وفي جوف الليل !.. سمعنا صوتا مريبا .. أنه صوت جري الخيول !

صرخ أحمَد قائلا : أنهم قطاع الطرق .. أختبؤووا !

كانت الواحة كثيفة الأشجار .. مما ساعدنا على الأختباء .. إختبأ الجميع .. تواريت خلف شجرة كبيرة .. وأستلقى إلى جانبي عَبدٌاللّه .. لم أكن أعلم أين البقية .. لكن على ما يبدو أنهم أختبؤا جيدا .. أتى قطاع الطرق .. تجاوز عددهم عشر رجال .. ومع ظلام الليل ! .. كانت رؤيتنا مستحيلة .. أخذوا يمشطون الواحة ذهابا وأيابا .. كانوا يبحثون عنا .. كيف علموا بمكاننا ! .. وبما أننا أقل منهم عددا وعدة .. لم يكن بأيدنا سوى الأنتظار .. صاح أحدهم قائلا (أين هم ؟ .. هل خدعنا ؟) .. أجاب أخر (يبدوا أنهم علموا بقدومنا) .. وعندما هموا بالعودة أدراجهم .. سعل عَبدٌاللّه بقوة ! .. لم يكن يستطيع التحمل أكثر من ذلك .. فقد كان غبار الأرض يملأ وجهه .. ويكتم أنفاسه .. لاحظ قطاع الطرق الصوت ! .. فتوقفوا مكانهم ! .. تعالت ضحكاتهم وصرخ أحدهم بغضب (أيها الوضيعون! .. أتضنوننا سذج) .. عادوا إلينا .. وأستلوا سيوفهم .. توجهوا نحو الشجرة .. أمتلأ قلبي رعبا .. رأيت عَبدٌاللّه فإذا عيناه جاحظتان .. صرخ أحدهم (أخرج أيها الأرعن .. أخرج وإلا قطعناك إربا إربا) .. لا أعلم ما جرى ! .. ولكني خرجت من مكاني بدلا عن عَبدٌاللّه .. ربما لأني بأنه يذكرني بأخي ! .. أو لأرد الجميل إلى أصدقائي .. لم أكن أعرف لماذا ! .. أتى أحدهم إلي .. وقد كان عريض المنكبين متين القآمة .. أمسكني من عنقي .. وأحكم الرباط على يداي .. ثم طرحني أرضا .. وقام بغرس خنجره في ساقي .. أصاب جرحي ! .. فأطلقت صرخة صعقوا منها .. ودوت في الواحة سريعا .. أعتقد أن أحمد والبقية سمعوها .. قام الرجل بركلي على معدتي عدة مرات .. حتى بدأت أسعل دما .. ثم قال لي معنفا (أين البقية ؟ أين ذهبوا ؟) .. (تكلم ، هل أنت أصم) .. أجبته وقد أتقنت دور البريء (آنا هنا لوحدي ، لم أرى أحدا هنا! ، أتوسل إليك دعني أذهب).. ضحك هذا الرجل .. ضحكة مخيفة ! .. ثم قال (سيفرح الزعيم حينما يلهو بك ، أحضروه يا رجال) .. قام مجموعة منهم بسحبي على الأرض .. وربطوني إلى إحدى الخيول .. ثم تجهزوا للعودة لزعيمهم !

في هذه الأثناء .. وبينما كنت أنزف دما .. مزقت قطعة من لباسي .. وبكل ألم وحرقة .. رميتها على الأرض !
بعد أن كتبت عليها بدمي .. ((أرجوكم لا تأتوا))


 

رد مع اقتباس