بقلم /محمد سعيد الحجوري


لقد من الله علينا وعلى ديارنا في قرى شرق ينبع في الأيام الماضية بالغيث والمطر، فسالت على إثره الجبال، وابتهجت له الأشجار، واستقبلته بجميل الصوت العصافير والأطيار. فاكتست به الأرض حلتها، واخضرت منه أوراق شجرها، وهبت فيها عليل نسائمها، فاجتذبتكم أيها المتنزهون فأتيتم بحبالكم وعصيكم، بأطفالكم ونسائكم من كل حدب تنسلون، لتنعموا بجميل الأوقات.

هربتم من ضيق المدن وضجتها إلى رحابة البرية وهدوئها، هربتم من بين الحديد والجدران الصماء إلى الجبال والأشجار الغناء، هربتم من روائح أدخنة المصانع وعوادم السيارات إلى نقاء الأجواء ورقيق النسمات. نعم لقد اتيتم إلى تلك الديار وقضيتم فيها ساعاتكم الطوال تمرحون وتلعبون، تأكلون وتشربون مستمتعين بأوقاتكم في أمن وأمان وراحة واطمئنان، دون أذى يلحق بكم ولا إزعاج يؤرق مضاجعكم. قضيتم ما شئتم من أوقات ثم عدتم أدراجكم مخلفين ورائكم أبشع المناظر التي لا يرضاها عُرف ولا دين ولا يقبل بها إنسان. لقد حولتم تربتها النقية وأشجارها الظليله إلى أكوام من النفايات والقاذورات وبقايا الأطعمة في منظر يعكس مدى قذارة الأشخاص الذين خلفوا تلك النفايات في فكرهم ومبادئهم وسلوكهم، كما يعكس مدى أنانيتهم وعدم احترامهم للآخر وللذوق العام. لقد غص المكان بالأكياس والمعلبات البلاستيكية والورقية والمعدنية وأكوام الطعام وحفائظ الأطفال بل وحتى الملابس الداخلية وجدت بالمكان. أي ذوق هذا؟! وأي وعي هذا بالله عليكم؟! أهذا ما يأمركم به دينكم؟!! أهذا ما تأمركم به أخلاقاكم؟! أهذا ما يأمركم به تمدنكم وتحضركم؟!! أم أن النظافة لا تعنيكم إلا في ما تملكون؟!! .

ألا ترون أنكم مكثتم في محيط قرى مسكونة وبيوت مأهولة تُعد هذه الأماكن مكان تنزههم ومرتع مواشيهم؟! ألم تجدوها نظيفة خالية من النفايات عندما أتيتم إليها؟! من ياترى حافظ عليها لتجدوها مكانا صالحا للنزهة؟!! هل تعتقد أنها خادمتك البائسة أم عامل النظافة المستأجر كي تعطي نفسك الحق في تركها بتلك الصورة المشينة؟!! إن من حافظ عليها هم أهلها وسكانها الذين وإن قل تعليمهم عن تعليمك وإن قلت أموالهم عما في أرصدتك البنكية، وإن اقتنوا الخردة من السيارات عوضا عن سيارتك الفاخرة، وإن لبسوا رث الثياب التي تزدريها مقارنة بثيابك، إلا أنهم يملكون وعيا وأخلاقا وسلوكا أكثر نضجا ومسؤلية مما تملك أنت تلمع به صورتك الخارجية لتستر بها عيوبك الداخلية التي تكشفها مثل هذه المواقف العلنية التي تُظهر حقيقة الوجه القبيح الذي يقبع خلف تلك الأقنعة المزيفة.

وبعيدا عن كل هذا ألا تعتقدون أنكم ستعودون إلى هذا المكان مرة أخرى؟!!، ألا تعتقدون أن شخصا آخر سيأتي إلى هذا المكان من بعدك.؟! كيف سيكون حال هذا المكان إذا ترك كل مرتاد له مخلفاته خلفه وكأنه غير معني بما فعل؟!! هل تنتظر خادمتك المنزلية أن تنظف ورائك في البرية كما تفعل في منزلك؟ّّ!! أم تنتظر عامل النظافة الذي يرفع مخلفاتك في الحدائق والمتنزهات العامة وعلى الشواطئ أن يأتي يتبع أثرك في كل مكان كي يزيل قاذوراتك كأنك إنسان عاجز بلا حول ولا قوة؟!!

إن الأمر لا يستدعي منك جهدا جهيدا ولا تعبا مضنيا إلا أن تحضر معك كيسا للنفايات وتجمع فيه مخلفاتك لترمي بها في مكان مخصص لذلك. وإن أعياك الجهد أن تفعل ذلك فما عليك إلا أن تأمر أصغر أبنائك أو بناتك كي تجمعها وتحرقها في مكانها قبل مغادرتك المكان.

إنني كواحد من سكان هذه المنطقة وباسم الجميع نُقبح ونزدري هذا العمل المشين ونناشد الجميع على أن يكونوا على قدر المسؤلية في المحافظة على نظافة الأماكن العامة وعلى نظافة البيئة أينما كنا كمحافظتنا على نظافة دورنا ومنازلنا، وأن لا نتواكل على الغير في تحمل تصحيح أخطائنا، وأن نكون القدوة الحسنة لأبنائنا وبناتنا في تعديل مثل هذه السلوكيات الخاطئة وتربيتهم على العادات الحميدة والسلوك الرفيع.

وللإنصاف وإعطاء كل ذي حق حقه فإننا نشكر كل من حافظ على مكانه نظيفا كما وجده ونثمن لهم هذا الحس المسؤول من قِبَلِهم والذي يعكس مدى نضجهم ووعيهم وحسن أخلاقهم، فلهم كل الشكر والعرفان.

إن المكان عنوان صاحبه فانظر اي عنوان تضع لنفسك وأي صورة تتركها لذاتك وأي سمعة تخلفها ورائك!.





والأن نترككم مع الصور التي توضح الشكل القبيح الذي خلفته بعض الأيدي المخربة في المكان


















































وفي المقابل ترك البعض وهم قلة للأسف انطباعا حسنا لحفاظهم على نظافة المكان كما هو واضح في ما يتبع من صور والتي أتمنى أن تكون هي الطابع العام لسلوكنا وأن تختفي تلك الصور القبيحة

منقول للفائدة