تفسير سورة الكهف

{بسم الله الرحمن الرحيم}
والصلاة والسلام على رسول الله أشرف الانبياء والمرسلين
اليوم لنا وقفات مع تفسير سورة الكهف من الآية (1) إلى(5) من تفسير ابن كثير
وقبل البدء في تفسيرها أذكر بعض فضائلها التي وردت في السنه
قال صلى الله عليه وسلم(من حفظ عشر آيات من سورة الكهف عصم من الدجال)رواه مسلم وفي لفظ آخر (من حفظ ثلاث آيات من أول سورة الكهف )
وقال الإمام أحمد :حدثنا حجاج,حدثنا شعبه عن قتادة,سمعت سالم بن أبي الأجعد يحدث عن معدان عن أبي الدرداء ,عن النبي صلى الله عليه وسلم
(من قراء العشرالأواخر من سورة الكهف عصم من الدجال)رواه مسلم والنسائي.

قال الله تعالى(الحمد الله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا)
أن الله يحمد ذاته المقدسه عند فواتح الامور وخواتمها , فإنه المحمود على كل حال , وله الحمد في الأولى والآخره ولهذا حمد نفسه على إنزال كتابه
العزيز على رسوله الكريم محمد صلوات الله وسلامه عليه ,فإنه أعظم نعمه أنعمها الله على اهل الأرض إذ أخرجهم من الظلمات الى النور حيث جعله
كتاباً مستقيماً لااعوجاج فيه ولازيغ , بل يهدي الى صراط مستقيم واضحاً بيناً جلياً نذيراً للكافرين , بشيراً للمؤمنين ولهذا قال(ولم يجعل له عوجا )أي
لم يجعل فيه اعوجاج ولاميل بل جعله قيماً مسقيماً ولهذا قال ( قيماً )أي مستقيماً (لينذر بأساً شديداً من لدنه)أي لمن خالفه وكذبه ولم يؤمن به ينذره
بأساً شديداً عقوبه عاجله في الدنيا وآجله في الأ خرى(من لدنه)أي من عند الله الذي لايعذب عذابه أحد ولايوثق وثاقه أحد( ويبشرالمؤمنين)أي بهذا القران
الذي صدقوا إيمانهم بالعمل الصالح ( أن لهم أجراً حسنا)أي مثوبه عند الله جميله( ماكثين فيه)في ثوابه عند الله ,وهو الجنةخالدين فيها ( أبدا)دائماً لازوال
ولاأنقضاء. ( وينذر الذين قالوا أتخذ الله ولدا )قال أبن إسحاق :وهم مشركون العرب في قولهم نحن نعبد الملائكة وهم بنات الله تعالى الله عن قولهم(مالهم به من علم)
أي بهذا القول الذي افتروه وأئتفكوه( ولا لآباءهم)أي أسلافهم( كبرت كلمة)نصب على التمييز تقديره كبرت كلمتهم هذه كلمةً.وقيل على التعجب تقديره أعظم بكلمتهم كلمة
كما تقول :أكرم بزيداً رجلاَ,قاله بعض البصريين ,وقرأ ذلك بعض قراء مكه:كبرت كلمة ,كما يقال عظم قولك وكبر شأنك ,والمعنى على قراءة الجمهور أظهر,فإن هذا تبشيع لمقالتهم
واستعظام لإفكهم ولهذا قال (كبرت كلمة تخرج من أفواههم )أي ليس لها مستند سوى قولهم .ولادليل لهم عليها إلا كذبهم وافتراؤهم ولهذا قال (إن يقولون إلا كذبا) .
هذا ماتيسر وإن شاء الله نكمل الجمعه القادمه .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد

جزاك الله خيراً
بصراحة موضوعك جميل وقيم
بارك الله بك وجعلة الله في موزين اعمالك
تقديري لك

وفيك بارك الله وجزاك الله خير
أخي ابو طلال على مرورك الذي أسعدني

{بسم الله الرحمن الرحيم}
السلام عليكم ورحمة الله
نواصل تفسير سورة الكهف وقد توقفنا عند قوله تعالى{إن يقولون إلا كذباً} وقد ذكر محمد بن إسحاق سبب نزول
هذه السورةالكريمة,فقال حدثني شيخ من أهل مصر قدم علينا منذ بضعةواربعين سنة عن عكرمة بن عن ابن عباس قال:بعثت قريش النضر بن الحارث وعقبة بن معيط إلى احبار اليهود بالمدينة ,فقالوا لهم سلوهم عن محمد
وصفوالهم صفته وأخبروهم بقوله فإنهم اهل الكتاب الأول وعندهم ماليس عندنا من علم الأنبياء
,فخرجا حتى أتيا المدينة فسألوا أحبار اليهود عن رسول الله صلى الله
عليه وسلم ووصفوا له أمره وبعض قوله وقالا:انكم اهل التوراة وقد جئناكم لتخبرونا عن صاحبنا هذا ,قال:فقالوا لهم سلوهم عن ثلاث نأمركم بهن , فإن اخبركم بهن
فهو نبي مرسل, وإلا فرجل متقول فتروا فيه رايكم :سلوه عن فتية ذهبوا في الدهر الأول ماكان من امرهم فإنهم قد كان لهم حديث عجيب ؟وسلوه عن رجل طواف بلغ مشارق الأرض
ومغاربها ماكان نبؤه ,وسلوه عن الروح ماهو ؟فإن اخبركم بذلك فهو نبي فاتبعوه ,وإن لم يخبركم فإنه رجل متقول فاصنعوا في امره مابدا لكم .فأقبل النضر وعقبه حتى قدما الى قريش
فقال يامعشر قريش قد جئناكم بفصل مابينكم وبين محمد ,قدامرنا احبار يهود ان نسأله عن امور فأخبروهم بها ,فجاؤوا رسول الله له في ذلك وحياً,ولايأتيه جبرئيل عيه السلام
حتى ارتجف اهل مكة وقالوا وعدنا محمد غداً, واليوم خمس عشرة قد اصبحنا فيها ,لايخبرنا بشيء
عما سألناه عنه وحتى احزن الرسول صلى الله عليه وسلم مكث الوحي عنه وشق
عليه مايتكلم به اهل مكة ,ثم جاءه جبرئيل عليه السلام من الله عزوجل بسورة الكهف , فيها معاتبة إياه على حزنه عليهم وخبر ماسألوه عنه من امر الفتية والرجل الطواف
.وقل الله عز وجل { ويسألونك عن الروح ؟قل الروح} الآية{فلعلك بخعٌ نفسك على ءاثرهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا}يقول الله مسلياً لرسوله صلوات الله وسلامه عليه في حزنه على المشركين لتركهم الإيمان وبعدهم عنه كما قال
الله تعالى {فلا تذهب نفسك عليهم حسرات} وقال {ولاتحزن عليهم} وقال {لعلك باخعٌ نفسك أن لايكونوا مؤمنين} ولهذا قال { فلعلك باخعٌ نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا}يعني القران
يقول لاتهلك نفسك أسفاً .قال قتادة:قاتل نفسك غضباً وحزناً عليهم ,وقال مجاهد : جزعاً
,والمعنى متقارب أي لاتأسف عليهم بل أبلغهم رسالة الله فمن اهتدى فلنفسه ومن ضل فإنا يضل عليهاولاتذهب
نفسك عليهم حسرات.

الله يكتب اجرك اختي موضوع في قمة الروعه والفائده

شكراً لك أخي هبوب الشمال على مرورك الذي أسعدني

{بسم الله الرحمن الرحيم}
السلام عليكم ورحمة الله
*****************************
من الآية(6)إلى الآية(12)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال الله تعالى:{إنا جعلنا ماعلى الأرض زينةً لها لنبلوهم أيهم أحسن عملاً}أخبر الله تعالى أنه جعل الدنيا داراً فانية مزينةً
بزينةً زائله, وإنما جعلها دار اختبار لا دار قرار.قال قتادة عن أبي نضرة عن ابي سعيد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال إن الدنيا حلوة خضرة وإن الله مستخلفكم فيها فاتقوا الدنيا واتقوا النساء,فإن اول فتنة بني إسرائيل النساء )ثم اخبر
تعالى بزوالها وفنائها وفراغها وانقضائها وذهابها وخرابها فقال تعالى{وإنا لجاعلون ماعليها صعيداً جرزاً}أي وإنا لمصيروها
بعد الزينة إلى الخراب والدمار,فنجعل كل شيء عليها هالكاً جرزاً لاينبت ولاينتفع به.كما قال العوفي عن ابن عباس في
قوله تعالى{وإنا لجاعلون ماعليها صعيداً جرزاً}يقول يهلك كل شيء عليها ويبيد.وقال مجاهد :صعيداً جرزاً بلقعاً,وقال
قتادة:الصعيد الأرض التي ليس فيها شجر ولانبات,وقال ابن زيد:الصعيد الارض التي ليس فيها شيء,ألا ترى
قول الله{أولم يروا أنا نسوق الماء إلى الأرض الجرز فنخرج به زرعاً تأكل منه أنعامهم وأنفسهم أفلا يبصرون}
وقال محمد بن اسحاق {وإنا لجاعلون ما عليها صعيداً جرزاً}يعني الأرض وأن ماعليها لفان وبائد وأن المرجع لإلى الله
فلاتأس ولا يحزنك ماترى.{أم حسبت أن أصحب الكهف والرقيمِ كانوا من ءايتنا عجباً}هذا اخبار من الله عن قصة أصحاب
الكهف على سبيل الإجمال والاختصار,ثم بسطها بعد ذلك {أم حسبت}يعني يامحمد {أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجباً}
أي ليس أمرهم عجيب في قدرتنا وسلطاننا فإن خلق السموات والارض واختلاف الليل والنهار وتسخير الشمس والقمر
والكواكب وغير ذلك من الآيات العظيمة الدالة على قدرة الله,وان الله على مايشاء قادر ولايعجزه شيء أعجب من أخبار الكهف.
وقال العوفي عن ابن عباس {أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتناعجباً}يقول الذي أتيتك من العلم والسنة والكتاب
افضل من قصة اصحاب الكهف ,والرقيم وقال محمد بن اسحاق:ما أظهرت حججي على العباد أعجب من شأن اصحاب الكهف
والرقيم,واما الكهف فهو الغار في الجبل وهو الذي لجأ اليه هؤلاء الفتية المذكورون, وأما الرقيم فقال العوفي عن ابن عباس:هو
واد قريب من أيله, وكذا قال عطية العوفي وقتادة.وقال الضحاك :اما الكهف فهو في غار الوادي,والرقيم اسم الوادي وقال مجاهد
الرقيم: كان بنيانهم,ويقول بعضهم هو الوادي الذي فيه كهفهم.
وقال علي بن ابي طلحة عن ابن عباس الرقيم الكتاب .وقال سعيد بن جبير :الرقيم لوح من حجارة كتبوا فيه قصص اصحاب
الكهف,ثم وضعوه على باب الكهف.وقال عبدالرحمن بن اسلم: الرقيم الكتاب ثم قرأ:كتاب مرقوم.وهذا هو الظاهر من الآية
وهو اختيار بن جرير قال الرقيم فعيل بمعنى مرقوم ,كما يقال للمقتول قتيل والمجروح جريح,والله اعلم.وقوله تعالى
{إذا أوى الفتية الى الكهف فقالوا ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيء لنا من أمرنا رشداً}يخبر الله تعالى عن اولئك الفتية الذين
فروا بدينهم من قومهم لئلا يفتنوهم عنه فهربوا منهم فلجأو الى غار في جبل ليختفوا عن قومهم,فقالوا حين دخلوا سائلين
من الله تعالى رحمته ولطفه بهم{ربنا آتنا من لدنك رحمة}اي هب لنا من عندك رحمة ترحمنا بها وتسترنا بها عن قومنا
{وهيء لنا من امرنا رشداً}اي وقدر لنامن امرنا هذا رشداً اي اجعل عاقبتنا رشداً كما جاء في الحديث
(وما قضيت لنا من قضاء فاجعل عاقبته رشداً)وفي المسند من حديث بسر بن أرطاه عن رسول الله أنه كان يدعوا
(اللهم احسن عاقبتنا في الامور كلها واجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة)
وقوله{فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عدداً}اي القينا عليهم النوم حين دخلوا الى الكهف فناموا سنين كثيرة
{ثم بعثناهم}أي من رقدتهم تلك,وخرج أحدهم بدراهم معه ليشتري لهم بها طعاماً لياكلوه,ولهذا قال:
{ثم بعثناهم لنعلم أي الحزبين}أي المختلفين فيهم {أحصى لما لبثوا أمداً}قيل عدداً,وقيل غاية,فإن الأمد الغاية
كقوله:سبق الجواد إذا استولى على الأمد.

بارك الله في جهودك وجعلها في ميزان حسناتك

جزاك الله خير على المرور

{بسم الله الرحمن الرحيم}
السلام عليكم ورحمة الله
من الآية (12) إلى الآية (16)
--------------------------------------------------
قال الله تعالى{نحن نقص عليك نبأهم بالحق إنهم فتية ءامنوا بربهم وزِدنهم هدى}
من ههنا شرع في بسط القصة وشرحها ,فذكر تعالى أنهم فتية وهم الشباب ,وهم أقبل للحق وأهدى للسبيل من الشيوخ الذين قد عتوا وانغمسوا في دين الباطل , ولهذا كان أكثر المستجيبين لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم شباباً,وأما المشايخ من قريش, فعامتهم بقوا على دينهم ولم يسلم منهم إلا
القليل.وهكذا أخبر الله تعالى عن أصحاب الكهف أنهم كانوا فتية شباباً, وقال مجاهد:بلغني أنه كان في آذان بعضهم القرطة يعني الحلق, فألهمهم الله
رشدهم وآتاهم تقواهم, فآمنوا بربهم أي أعترفوا له بالوحدانيه, وشهدوا أنه لاإله إلاهو{وزدناهم هدى} وأستدل بهذه الآية وأمثالها غير واحد من الأئمة
كالبخاري وغيره ممن ذهب إلى زيادة الإيمان وتفاضله وأنه يزيد وينقص, ولهذا قال الله تعالى{وزدناهم هدى}كما قال الله { والذين اهتدوا زادهم هدى
وآتاهم تقواهم} وقال {فأما الذين آمنوا فزادتهم إيماناً وهم يستبشرون}وقال { ليزدادوا إيماناً مع إيمانهم} إلى غير ذلك من الآيات الدالة على ذلك.
وقد ذكر أنهم كانوا على دين المسيح عيسى بن مريم, فالله أعلم, والظاهر أنهم كانوا قبل ملة النصرانية بالكلية, فإنهم لو كانوا على دين النصرانية
لما أعتنى اليهود بحفظ خبرهم وأمرهم لمباينتهم لهم, وقد تقدم عن ابن عباس أن قريشاً بعثوا إلى أحبار اليهود بالمدينة يطلبون منهم أشياء يمتحنون
بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فبعثوا اليهم أن سالوه عن خبر هؤلاء,وعن خبر ذي القرنين, وعن الروح,فدل أن هذا أمر محفوظ عندهم في كتب أهل الكتاب وأنه متقدم على دين النصرانية, والله أعلم.
وقوله {وربطنا على قلوبهم إذ قاموا فقالوا ربنا رب السموات والأرض}يقول تعالى :وصبرناهم على مخالفة قومهم ومدينتهم ومفارقة ماكانوا فيه
من العيش الرغيد والسعادة والنعمة, فإنه قد ذكر غير واحد من المفسرين من السلف والخلف أنهم كانوا من أبناء ملوك الروم وسادتهم, وأنهم خرجوا
يوماً في بعض أعياد قومهم وكان لهم مجتمع في السنة يجتمعون فيه في ظاهر البلد, وكانوا يعبدون الأصنام والطواغيت, ويذبحون لها, فلما خرج الناس لمجتمعهم ذلك,وخرج هؤلاء الفتية مع آبائهم وقومهم , ونظروا إلى ما يصنع قومهم بعين بصيرتهم , عرفوا أن هذا الذي يصنعه قومهم من السجود
لأصناهم والذبح لها لاينبغي إلا لله الذي خلق السموات والأرض,فجعل كل واحد منهم يتخلص من قومه وينحاز منهم ويتبرز عنهم ناحيه,فكان أول من
جلس منهم وحده أحدهم, جلس تحت ظل شجرة فجاء الآخر فجلس إليهمو وجاء الآخر, وجاء الآخر,ولايعرف واحد منهم الآخر, وإنما جمعهم هناك
الذي جمع قلوبه على الإيمان.
كما جاء في الحديث الذي رواه الخاري تعليقاً من حديث يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشةرضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
"الأرواح جنود مجندة, فما تعارف منها ائتلف وماتناكر منه إختلف " واخرجه مسلم في صحيحه من حديث سهيل عن ابي هريرة رضي الله عنه
عن رسول عليه السلام, والناس يقولون:الجنسية علة الضم, والغرض أنه جعل كل واحد منهم يكتم ماهو عليه عن أصحابه خوفاً منهم, ولايدري أنهم
مثله حتى قال أحدهم: تعلمون والله ياقوم أنه ما أخرجكم من قومكم وأفردكم عنهم إلا شيء, فليظهر كل واحد منكم بامره, فقال آخر: أما أنا فإني والله
رايت ماقومي فعرفت انه باطل, وأنما الذي يستحق ان يعبد وحده ولايشرك به شيء هو الله الذي خلق السموات والأرض وما بينهما, وقال الآخر: وأنا
والله وقع لي كذلك, وقال الىخر كذلك ,حتى توافقوا كلهم على كلمة واحدة, فصاروا يداً واحده, وإخوان صدق,فاتخذوا لهم معبداً يعبدون الله فيه, فعرف
بهم قومهم فوشوا بأمرهم الى ملكهم فاستحضرهم بين يديه فسالهم عن أمرهم وما هم عليه,فأجابوه بالحق ودعوه إلى الله عز وجل, ولهذا أخبر
الله تعالى بقوله{وربطنا على قلوبهم إذ قاموا فقالوا ربنا رب السموات والأرض لن ندعوا من دونه إلهاً} ولن لنفي التأبيد اي لايقع منا هذا ابداً, لأنا
لو فعلناذلك لكان باطلاً, ولهذا قال عنهم{لقد قلنا إذاً شططاً} أي باطلاً وبهتاناً {هؤلاء قومنا اتخذوا من دونه آلهة لولا يأتون عليهم بسلطان بين}
أي هلا أقاموا على صحة ماذهبوا إليه دليلاً واضحاً صحيحاً {فمن أظلم ممن افترى على الله كذباً}يقولون: بل هم ظالمون كاذبون في قولهم ذلك, فيقال
أن ملكهم لما دعوه إلى الإيمان بالله أبى عليهم وتهددهم وتوعدهم, وأمر بنزع لباسهم عنهم الذي كان عليه من زينة قومهم, وأجلهم لينظروا في أمرهم
لعلهم يرجعون عن دينهم الذي كانوا عليه, وكان هذا من لطف الله الله بهم,فإنهم فب تلك النظرة توصلوا إلى الهرب منه والفرار بدينهم من الفتنة
وهذا هو المشروع عند وقوع الفتن في الناس أن يفر العبد منهم خوفاً على دينه,كما جاء في الحديث"يوشك أن يكون خير مال أحدكم غنماً يتبع بها
شغف الجبال ومواقع القطر بفر بدينه من الفتن "ففي هذه الحاله تشرع العزلة عن الناس ولا تشرع فيما عداه, لما يفوت بها ترك الجماعات والجمع,
فلما وقع عزمهم على الذهاب والهرب من قومهم, واختار الله تعالى لهم ذلك واخب عنهم بذلك في قوله تعالى {وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون ألا الله}
أي وإذ فارقتموهم وخالفتموهم بأديانكم في عبادتهم غير الله, ففارقوهم أيضاً بأبدانكم{فأووا إلى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته}أي يبسط عليكم من
رحمتة يستركم بها من قومكم { ويهيئ لكم من أمركم } الذي انتم فيه{مرفقاً}أي أمراًترتفقون به,فعند ذلك خرجوا هرباً إلى الكهف فأووا إليه ,ففقدهم
قومهم من بين أظهرهم وتطلبهم الملك, فيقال أنه لم يظفر بهم وعمى الله عليه خبرهم كما فعل بنبيه محمد عليه السلام وصاحبه حين لجآ إلى غار ثور
وجاء المشركون من قريش في الطلب فلم يهتدوا إليه مع أنهم يمرون عليه , عندما قال النبي صلى الله عليه وسلم حين راى جزع الصديق في قوله:
يارسول الله لو أن أحدهم نظر إلى موضع قدميه لأبصرنا فقال :يا أبا بكر ماظنك بأثنين الله ثالثهما ؟"وقد قال الله{إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه
الذين كفروا إذ هما في الغار إذ يقل لصاحبه لاتحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة
الله هي العليا والله عزيز عليم} فقصة هذا الغار أشرف وأجل وأعظم من قصة أصحاب الكهف,وقد قيل :إن قومهم ظفروا بهم ووقفوا على باب الغار
الذي دخلوه فقالوا :ماكنا نريد منهم العقوبة أكثر مما فعلوا بأنفسهم,فأمر الملك بردم بابه عليهم ليهلكوا مكانهم ففعلوا ذلك, وفي هذا نظر,والله أعلم
فإن الله تعالى قد أخبر أن الشمس تدخل عليهم في الكهف بكرة وعشياً .

وصلى الله وسلم على نبينا محمد

موضوووووع أكثر من راااااائع جزااااك الله كل خييييير

شكراً لك على المرور الذي أسعدني